ﺍﺑﻮ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﻐﻼﻡ
ﻛﺎﻥ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﺭﺟﻞ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ
ﺣﺒﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻐﺰﻭ
ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺮﻭﻡ ، ﻓﺠﻠﺲ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻣﻊ
ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ:ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺣﺪﺛﻨﺎ
ﺑﺄﻋﺠﺐ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ
ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻧﻌﻢ ﺇﻧﻲ ﺩﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ
ﺍﻟﺮﻗﺔ ﺃﻃﻠﺐ ﺟﻤﻼً ﺃﺷﺘﺮﻳﻪ ﻟﻴﺤﻤﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ ،
ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻳﻮﻣﺎً ﺟﺎﻟﺴﺎً ﺇﺫ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ
ﻓﻘﺎﻟﺖ:ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺳﻤﻌﺘﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ
ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺗﺤﺚ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻗﺪ ﺭُﺯﻗﺖُ ﻣﻦ ﺍﻟﺸَّﻌﺮ ﻣﺎ
ﻟﻢ ﻳُﺮﺯﻗﻪ ﻏﻴﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ، ﻭﻗﺪ ﻗﺼﻌﺘﻪ
ﻭﺃﺻﻠﺤﺖ ﻣﻨﻪ ﺷﻜﺎﻻ ﻟﻠﻔﺮﺱ ﻭﻋﻔﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺏ
ﻛﻲ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺣﺪ ، ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺒﺒﺖ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬﻩ
ﻣﻌﻚ ﻓﺈﺫﺍ ﺻﺮﺕَ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﺟﺎﻟﺖ
ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ ﻭﺭُﻣﻴﺖ ﺍﻟﻨﺒﺎﻝ ﻭﺟُﺮﺩﺕ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ
ﻭﺷُﺮﻋﺖ ﺍﻷﺳﻨّﺔ ، ﻓﺈﻥ ﺍﺣﺘﺠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺇﻻ
ﻓﺎﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﺤﻀﺮ ﺷﻌﺮﻱ
ﻭﻳﺼﻴﺒﻪ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﺄﻧﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ
ﺃﺭﻣﻠﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺯﻭﺝ ﻭﻋﺼﺒﺔ ﻛﻠﻬﻢ ﻗُﺘﻠﻮﺍ ﻓﻲ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲّ ﺟﻬﺎﺩ ﻟﺠﺎﻫﺪﺕ.
ﻭﻧﺎﻭﻟﺘﻨﻲ ﺍﻟﺸﻜﺎﻝ ﻭﻗﺎﻟﺖ:ﺍﻋﻠﻢ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻗﺪﺍﻣﺔ
ﺃﻥ ﺯﻭﺟﻲ ﻟﻤﺎ ﻗُﺘﻞ ﺧﻠﻒ ﻟﻲ ﻏﻼﻣﺎً ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ
ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﻗﺪ ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺮﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﺍﻡ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ
ﺻﻮﺍﻡ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮﺓ
ﺳﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﻏﺎﺋﺐ ﻓﻲ ﺿﻴﻌﺔ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻟﻪ ﺃﺑﻮﻩ
ﻓﻠﻌﻠﻪ ﻳﻘﺪﻡ ﻗﺒﻞ ﻣﺴﻴﺮﻙ ﻓﺄﻭﺟﻬﻪ ﻣﻌﻚ
ﻫﺪﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺑﺤﺮﻣﺔ
ﺍﻹﺳﻼﻡ ، ﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﻲ ﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ،
ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺍﻟﺸﻜﺎﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻣﻈﻔﻮﺭ ﻣﻦ
ﺷﻌﺮﻫﺎ.ﻓﻘﺎﻟﺖ:ﺃﻟﻘﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺭﺣﺎﻟﻚ ﻭﺃﻧﺎ
ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﻄﻤﺌﻦ ﻗﻠﺒﻲ.ﻓﻄﺮﺣﺘﻪ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﻲ
ﻭﺧﺮﺟﺖُ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﺔ ﻭﻣﻌﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ ، ﻓﻠﻤﺎ
ﺻﺮﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﺣﺼﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻠﻚ ﺇﺫﺍ
ﺑﻔﺎﺭﺱ ﻳﻬﺘﻒ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻲ:ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻗﻒ
ﻋﻠﻲ ﻗﻠﻴﻼً ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻮﻗﻔﺖ ﻭﻗﻠﺖ
ﻷﺻﺤﺎﺑﻲ ﺗﻘﺪﻣﻮﺍ ﺃﻧﺘﻢ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ،
ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻧﺎ ﺑﻔﺎﺭﺱ ﻗﺪ ﺩﻧﺎ ﻣﻨﻲ ﻭﻋﺎﻧﻘﻨﻲ ﻭﻗﺎﻝ:
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺤﺮﻣﻨﻲ ﺻﺤﺒﺘﻚ ﻭﻟﻢ
ﻳﺮﺩﻧﻲ ﺧﺎﺋﺒﺎً.ﻗﻠﺖ ﻟﻠﺼﺒﻲ ﺃﺳﻔﺮ ﻟﻲ ﻋﻦ
ﻭﺟﻬﻚ ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﺜﻠﻚ ﻏﺰﻭ ﺃﻣﺮﺗﻚ
ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺮ ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻠﺰﻣﻚ ﻏﺰﻭ ﺭﺩﺩﺗﻚ ، ﻓﺄﺳﻔﺮ
ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻪ ﻏﻼﻡ ﻛﺄﻧﻪ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺒﺪﺭ
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ.
ﻗﻠﺖ ﻟﻠﺼﺒﻲ:ﺃﻟﻚ ﻭﺍﻟﺪ ؟ ﻗﺎﻝ:ﻻ ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﺧﺎﺭﺝ
ﻣﻌﻚ ﺃﻃﻠﺐ ﺛﺄﺭ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻷﻧﻪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ
ﻳﺮﺯﻗﻨﻲ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻛﻤﺎ ﺭﺯﻕ ﺃﺑﻲ.ﻗﻠﺖ
ﻟﻠﺼﺒﻲ:ﺃﻟﻚ ﻭﺍﻟﺪﺓ ؟ ﻗﺎﻝ:ﻧﻌﻢ.ﻗﻠﺖ:
ﺍﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻧﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﺃﺫﻧﺖ ﻭﺇﻻ ﻓﺄﻗﻢ
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﺈﻥ ﻃﺎﻋﺘﻚ ﻟﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ،
ﻷﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﺖ ﻇﻼﻝ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ ﻭﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪﺍﻡ
ﺍﻷﻣﻬﺎﺕ.ﻗﺎﻝ:ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺃﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﻨﻲ ﻗﻠﺖ:
ﻻ.ﻗﺎﻝ:ﺃﻧﺎ ﺍﺑﻦ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔ ، ﻣﺎ ﺃﺳﺮﻉ ﻣﺎ
ﻧﺴﻴﺖ ﻭﺻﻴﺔ ﺃﻣﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺸﻜﺎﻝ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺇﻥ
ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ، ﺳﺄﻟﺘﻚ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻻ
ﺗﺤﺮﻣﻨﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﻣﻌﻚ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﺈﻧﻲ
ﺣﺎﻓﻆ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺎﺭﻑ ﺑﺴﻨﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻋﺎﺭﻑ ﺑﺎﻟﻔﺮﻭﺳﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺮﻣﻲ ﻭﻣﺎ ﺧﻠﻔﺖ ﻭﺭﺍﺋﻲ ﺃﻓﺮﺱ ﻣﻨﻲ ﻓﻼ
ﺗﺤﻘﺮﻧﻲ ﻟﺼﻐﺮ ﺳﻨﻲ ﻭﺇﻥ ﺃﻣﻲ ﻗﺪ ﺃﻗﺴﻤﺖ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺭﺟﻊ ، ﻭﻗﺎﻟﺖ:ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺇﺫﺍ ﻟﻘﻴﺖ
ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻼ ﺗﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﺪﺑﺮ ﻭﻫﺐ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻠﻪ
ﻭﺍﻃﻠﺐ ﻣﺠﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻣﺠﺎﻭﺭﺓ ﺃﺑﻴﻚ ﻣﻊ
ﺇﺧﻮﺍﻧﻚ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺯﻗﻚ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﺎﺷﻔﻊ ﻓﻲّ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻥ
ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﻳﺸﻔﻊ ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ
ﻣﻦ ﺟﻴﺮﺍﻧﻪ ، ﺛﻢ ﺿﻤﺘﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻭﺭﻓﻌﺖ
ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻗﺎﻟﺖ:ﺇﻟﻬﻲ ﻭﺳﻴﺪﻱ
ﻭﻣﻮﻻﻱ ﻫﺬﺍ ﻭﻟﺪﻱ ﻭﺭﻳﺤﺎﻧﺔ ﻗﻠﺒﻲ ﻭﺛﻤﺮﺓ
ﻓﺆﺍﺩﻱ ﺳﻠﻤﺘﻪ ﺇﻟﻴﻚ ﻓﻘﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﺑﻜﻴﺖ ﺑﻜﺎﺀﺍً ﺷﺪﻳﺪﺍً
ﺃﺳﻔﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﻪ ﻭﺟﻤﺎﻝ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻭﺭﺣﻤﺔ
ﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻭﺗﻌﺠﺒﺎً ﻣﻦ ﺻﺒﺮﻫﺎ ﻋﻨﻪ.ﻓﻘﺎﻝ:
ﻳﺎ ﻋﻢ ﻣﻢ ﺑﻜﺎﺅﻙ ؟ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺒﻜﻲ ﻟﺼﻐﺮ
ﺳﻨﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺬﺏ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻨﻲ ﺇﺫﺍ
ﻋﺼﺎﻩ.ﻗﻠﺖ:ﻟﻢ ﺃﺑﻚ ﻟﺼﻐﺮ ﺳﻨﻚ ﻭﻟﻜﻦ
ﺃﺑﻜﻲ ﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺪﺗﻚ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪﻙ.
ﻭﺳﺮﻧﺎ ﻭﻧﺰﻟﻨﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺪﺍﺓ
ﺭﺣﻠﻨﺎ ﻭﺍﻟﻐﻼﻡ ﻻ ﻳﻔﺘﺮ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،
ﻓﺘﺄﻣﻠﺘﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﺃﻓﺮﺱ ﻣﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺭﻛﺐ ﻭﺧﺎﺩﻣﻨﺎ
ﺇﺫﺍ ﻧﺰﻟﻨﺎ ﻣﻨﺰﻻ ، ﻭﺻﺎﺭ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﺮﻧﺎ ﻳﻘﻮﻯ ﻋﺰﻣﻪ
ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻭﻳﺼﻔﻮ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺗﻈﻬﺮ ﻋﻼﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻋﻠﻴﻪ.ﻓﻠﻢ ﻧﺰﻝ ﺳﺎﺋﺮﻳﻦ ﺣﺘﻰ ﺃﺷﺮﻓﻨﺎ
ﻋﻠﻰ ﺩﻳﺎﺭ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﻏﺮﻭﺏ ﺍﻟﺸﻤﺲ
ﻓﻨﺰﻟﻨﺎ ﻓﺠﻠﺲ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻳﻄﺒﺦ ﻟﻨﺎ ﻃﻌﺎﻣﺎ
ﻹﻓﻄﺎﺭﻧﺎ ﻭﻛﻨﺎ ﺻﻴﺎﻣﺎ ، ﻓﻐﻠﺒﻪ ﺍﻟﻨﻌﺎﺱ ﻓﻨﺎﻡ
ﻧﻮﻣﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻧﺎﺋﻢ ﺇﺫ ﺗﺒﺴﻢ ﻓﻲ
ﻧﻮﻣﻪ ﻓﻘﻠﺖ ﻷﺻﺤﺎﺑﻲ ﺃﻻ ﺗﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺿﺤﻚ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻪ ، ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﻗﻠﺖ:
ﺑﻨﻲ ﺭﺃﻳﺘﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺿﺎﺣﻜﺎً ﻣﺒﺘﺴﻤﺎً ﻓﻲ
ﻣﻨﺎﻣﻚ ، ﻗﺎﻝ:ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺅﻳﺎ ﻓﺄﻋﺠﺒﺘﻨﻲ
ﻭﺃﺿﺤﻜﺘﻨﻲ.ﻗﻠﺖ:ﻣﺎ ﻫﻲ.ﻗﺎﻝ:ﺭﺃﻳﺖ ﻛﺄﻧﻲ
ﻓﻲ ﺭﻭﺿﺔ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﺃﻧﻴﻘﺔ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﺟﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ
ﺇﺫ ﺭﺃﻳﺖ ﻗﺼﺮﺍً ﻣﻦ ﻓﻀﺔ ﺷُﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭ
ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ، ﻭﺃﺑﻮﺍﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺳﺘﻮﺭﻩ
ﻣﺮﺧﻴﺔ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﻮﺍﺭﻱ ﻳﺮﻓﻌﻦ ﺍﻟﺴﺘﻮﺭ
ﻭﺟﻮﻫﻬﻦ ﻛﺎﻷﻗﻤﺎﺭ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﻨﻲ ﻗﻠﻦ ﻟﻲ:
ﻣﺮﺣﺒﺎ ﺑﻚ ﻓﺄﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻣﺪ ﻳﺪﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺣﺪﺍﻫﻦ
ﻓﻘﺎﻟﺖ:ﻻ ﺗﻌﺠﻞ ﻣﺎ ﺁﻥ ﻟﻚ ، ﺛﻢ ﺳﻤﻌﺖ
ﺑﻌﻀﻬﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬﺍ ﺯﻭﺝ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ ،
ﻭﻗﻠﻦ ﻟﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺘﻘﺪﻣﺖ ﺃﻣﺎﻣﻲ
ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ
ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﺮﻳﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺑﺮﺟﺪ ﺍﻷﺧﻀﺮ
ﻗﻮﺍﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﺔ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻭﺟﻬﻬﺎ
ﻛﺄﻧﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﺒﺖ ﻋﻠﻲ ﺑﺼﺮﻱ
ﻟﺬﻫﺐ ﻭﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻲ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻭﺑﻬﺎﺀ
ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ.ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺗﻨﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﻗﺎﻟﺖ:ﻣﺮﺣﺒﺎ
ﻭﺃﻫﻼ ﻭﺳﻬﻼ ﻳﺎ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺒﻴﺒﻪ ﺃﻧﺖ ﻟﻲ ﻭﺃﻧﺎ
ﻟﻚ ﻓﺄﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺿﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻱ ﻓﻘﺎﻟﺖ:
ﻣﻬﻼ ، ﻻ ﺗﻌﺠﻞ ، ﻓﺈﻧﻚ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻨﺎ ، ﻭﺇﻥ
ﺍﻟﻤﻴﻌﺎﺩ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻚ ﻏﺪﺍً ﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻈﻬﺮ
ﻓﺄﺑﺸﺮ.
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻗﺪﺍﻣﺔ:ﻗﻠﺖ ﻟﻪ:ﺭﺃﻳﺖ ﺧﻴﺮﺍً ، ﻭﺧﻴﺮﺍً
ﻳﻜﻮﻥ.ﺛﻢ ﺑﺘﻨﺎ ﻣﺘﻌﺠﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻡ ﺍﻟﻐﻼﻡ ،
ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﺗﺒﺎﺩﺭﻧﺎ ﻓﺮﻛﺒﻨﺎ ﺧﻴﻮﻟﻨﺎ ﻓﺈﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻱ ﻳﻨﺎﺩﻱ:ﻳﺎ ﺧﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺭﻛﺒﻲ ﻭﺑﺎﻟﺠﻨﺔ
ﺃﺑﺸﺮﻱ ، ﺍﻧﻔﺮﻭﺍ ﺧﻔﺎﻓﺎً ﻭﺛﻘﺎﻻً ﻭﺟﺎﻫﺪﻭﺍ.ﻓﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﺇﻻ ﺳﺎﻋﺔ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺧﺬﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻗﺪ ﺃﻗﺒﻞ ﻛﺎﻟﺠﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ
ﺣﻤﻞ ﻣﻨّﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻓﺒﺪﺩ ﺷﻤﻠﻬﻢ ﻭﻓﺮﻕ
ﺟﻤﻌﻬﻢ ﻭﻏﺎﺹ ﻓﻲ ﻭﺳﻄﻬﻢ ، ﻓﻘﺘﻞ ﻣﻨﻬﻢ
ﺭﺟﺎﻻً ﻭﺟﻨﺪﻝ ﺃﺑﻄﺎﻻً ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺤﻘﺘﻪ
ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺑﻌﻨﺎﻥ ﻓﺮﺳﻪ ﻭﻗﻠﺖ:ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺍﺭﺟﻊ
ﻓﺄﻧﺖ ﺻﺒﻲ ﻭﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺧﺪﻉ ﺍﻟﺤﺮﺏ.ﻓﻘﺎﻝ:ﻳﺎ
ﻋﻢ ﺃﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺇﺫﺍ ﻟﻘﻴﺘﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﺯﺣﻔﺎ ﻓﻼ
ﺗﻮﻟﻮﻫﻢ ﺍﻷﺩﺑﺎﺭ(، ﺃﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺩﺧﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ؟
ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﻜﻠﻤﻨﻲ ﺇﺫ ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ
ﺣﻤﻠﺔ ﺭﺟﻞ ﻭﺍﺣﺪ، ﺣﺎﻟﻮﺍ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻐﻼﻡ
ﻭﻣﻨﻌﻮﻧﻲ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﺷﺘﻐﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ.
ﻭﻗُﺘﻞ ﺧﻠﻖ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ، ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻓﺘﺮﻕ
ﺍﻟﺠﻤﻌﺎﻥ ﺇﺫ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻻ ﻳﺤُﺼﻮﻥ ﻋﺪﺩﺍ ﻓﺠﻌﻠﺖ
ﺃﺟﻮﻝ ﺑﻔﺮﺳﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻭﺩﻣﺎﺅﻫﻢ ﺗﺴﻴﻞ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ
ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﺟﻮﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ
ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻧﺎ ﺑﺎﻟﻐﻼﻡ ﺑﻴﻦ ﺳﻨﺎﺑﻚ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﻗﺪ ﻋﻼﻩ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺩﻣﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ:ﻳﺎ
ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ، ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﺑﻌﺜﻮﺍ ﻟﻲ ﻋﻤﻲ ﺃﺑﺎ
ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻓﺄﻗﺒﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻴﺎﺣﻪ
ﻓﻠﻢ ﺃﻋﺮﻑ ﻭﺟﻬﻪ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻟﻐﺒﺎﺭ
ﻭﺩﻭﺱ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ ﻓﻘﻠﺖ:ﺃﻧﺎ ﺃﺑﻮ ﻗﺪﺍﻣﺔ.ﻗﺎﻝ:ﻳﺎ
ﻋﻢ ﺻﺪﻗﺖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﻭﺭﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﺃﻧﺎ ﺍﺑﻦ ﺻﺎﺣﺒﺔ
ﺍﻟﺸﻜﺎﻝ ، ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﺭﻣﻴﺖ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺒﻠﺖ
ﺑﻴﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭﻣﺴﺤﺖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﻡ ﻋﻦ
ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ ﻭﻗﻠﺖ:ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﻻ ﺗﻨﺲ ﻋﻤﻚ ﺃﺑﺎ
ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻓﻲ ﺷﻔﺎﻋﺘﻚ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.ﻓﻘﺎﻝ:
ﻣﺜﻠﻚ ﻻ ﻳُﻨﺴﻰ ﻻ ﺗﻤﺴﺢ ﻭﺟﻬﻲ ﺑﺜﻮﺑﻚ ﺛﻮﺑﻲ
ﺃﺣﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺛﻮﺑﻚ ، ﺩﻋﻪ ﻳﺎ ﻋﻢ ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻪ ، ﻳﺎ ﻋﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻮﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻔﺘﻬﺎ
ﻟﻚ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺧﺮﻭﺝ ﺭﻭﺣﻲ
ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻲ ﻋﺠّﻞ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺸﺘﺎﻗﺔ ﺇﻟﻴﻚ ، ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻳﺎ
ﻋﻢ ﺇﻥ ﺭﺩّﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺎﻟﻤﺎً ﻓﺘﺤﻤﻞ ﺛﻴﺎﺑﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻀﻤﺨﺔ ﺑﺎﻟﺪﻡ ﻟﻮﺍﻟﺪﺗﻲ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺍﻟﺜﻜﻼﺀ
ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ ﻭﺗﺴﻠﻤﻬﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﺘﻌﻠﻢ ﺃﻧﻲ ﻟﻢ ﺃﺿﻴﻊ
ﻭﺻﻴﺘﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺃﺟﺒﻦ ﻋﻨﺪ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ،
ﻭﺍﻗﺮﺃ ﻣﻨﻲ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﻗﻞ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ
ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻫﺪﻳﺘﻬﺎ ، ﻭﻟﻲ ﻳﺎ ﻋﻢ ﺃﺧﺖ
ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻛﻨﺖ ﻛﻠﻤﺎ
ﺩﺧﻠﺖ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻨﻲ ﺗﺴﻠﻢ ﻋﻠﻲ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺧﺮﺟﺖُ
ﺗﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻳﻮﺩﻋﻨﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﺨﺮﺟﻲ ، ﻭﻗﺪ
ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻻ ﺗﺒﻂ ﻋﻨّﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻘﻴﺘَﻬﺎ
ﻓﺎﻗﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﻲ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﻞ ﻟﻬﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ
ﺃﺧﻮﻙ:ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺘﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،
ﺛﻢ ﺗﺒﺴﻢ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ
ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﺻﺪﻕ ﻭﻋﺪﻩ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ
ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻭﻋﺪﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺻﺪﻕ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ، ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﻓﻜﻔﻨﺎﻩ ﻓﻲ
ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻭﻭﺭﻳﻨﺎﻩ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻋﻨﺎ ﺑﻪ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﻏﺰﻭﺗﻨﺎ ﺗﻠﻚ ﻭﺩﺧﻠﻨﺎ ﺍﻟﺮﻗﺔ ﻟﻢ
ﺗﻜﻦ ﻟﻲ ﻫﻤﺔ ﺇﻻ ﺩﺍﺭ ﺃﻡ ﺍﻟﻐﻼﻡ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﺭﻳﺔ
ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻓﻲ ﺣﺴﻨﻪ ﻭﺟﻤﺎﻟﻪ ﻭﻫﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ
ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻣﺮ ﺑﻬﺎ:ﻳﺎ ﻋﻢ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ
ﺟﺌﺖ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺰﻭ ، ﻓﺘﻘﻮﻝ:ﺃﻣﺎ ﺭﺟﻊ
ﻣﻌﻜﻢ ﺃﺧﻲ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻪ ، ﻓﻠﻤﺎ
ﺳﻤﻌﺘﻬﺎ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻲ:ﻳﺎ ﻋﻢ ﻣﻦ
ﺃﻳﻦ ﺟﺌﺖ ، ﻗﻠﺖ:ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺰﻭ ﻗﺎﻟﺖ:ﺃﻣﺎ ﺭﺟﻊ
ﻣﻌﻜﻢ ﺃﺧﻲ ﺛﻢ ﺑﻜﺖ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻣﺎ ﺃﺑﺎﻟﻲ ،
ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ ﻭﺃﺧﻲ ﻟﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻐﻠﺒﺘﻨﻲ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ،
ﺛﻢ ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ:ﻳﺎ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻗﻮﻟﻲ ﻟﺼﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﻥ
ﺃﺑﺎ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻓﺴﻤﻌﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻛﻼﻣﻲ
ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﻟﻮﻧﻬﺎ ﻓﺴﻠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺮﺩﺕ
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺎﻟﺖ:ﺃﻣﺒﺸﺮﺍً ﺟﺌﺖ ﺃﻡ ﻣﻌﺰﻳﺎً.ﻗﻠﺖ:
ﺑﻴّﻨﻲ ﻟﻲ ﺍﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ﺭﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻗﺎﻟﺖ:ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﺪﻱ ﺭﺟﻊ ﺳﺎﻟﻤﺎً ﻓﺄﻧﺖ ﻣﻌﺰ ،
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗُﺘﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺄﻧﺖ ﻣﺒﺸﺮ.
ﻓﻘﻠﺖ:ﺃﺑﺸﺮﻱ.ﻓﻘﺪ ﻗُﺒﻠﺖ ﻫﺪﻳﺘﻚ ﻓﺒﻜﺖ
ﻭﻗﺎﻟﺖ:ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻪ ﺫﺧﻴﺮﺓ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻗﻠﺖ ﻓﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﺧﺖ
ﺍﻟﻐﻼﻡ.ﻗﺎﻟﺖ:ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻠﻤﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ
ﻓﺘﻘﺪﻣﺖ ﺇﻟﻲ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻬﺎ ﺇﻥ ﺃﺧﺎﻙ ﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻚ
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ:ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻴﻔﺘﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻓﺼﺮﺧﺖ ﻭﻭﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ
ﻣﻐﺸﻴﺎً ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻓﺤﺮﻛﺘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ ، ﻓﺈﺫﺍ
ﻫﻲ ﻣﻴﺘﺔ ﻓﺘﻌﺠﺒﺖ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺛﻢ ﺳﻠﻤﺖ ﺛﻴﺎﺏ
ﺍﻟﻐﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻲ ﻷﻣﻪ ﻭﻭﺩﻋﺘﻬﺎ
ﻭﺍﻧﺼﺮﻓﺖ ﺣﺰﻳﻨﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻼﻡ ﻭﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ
ﻭﻣﺘﻌﺠﺒﺎً ﻣﻦ ﺻﺒﺮ ﺃﻣﻬﻤﺎ